ولأجل وجود الصلة الشديدة بين التدبير والخلق نرى أنه سبحانه بعدما يذكر مسألة خلق السماوات والأرض يطرح مسألة تسخير الشمس والقمر (1) الذي هو نوع من التدبير.
ومن هذا الطريق يوقفنا القرآن الكريم على حقيقة التدبير الذي هو نوع من الخلق وقد عرفت أن لا خالق إلا الله.
2 - وحدة النظام دليل على وحدة المدبر إن مطالعة كل صفحة من صفحات الكتاب التكويني العظيم يقودنا إلى وجود نظام موحد وكأن أوراق الكتاب التكويني على غرار الكتاب التدويني شد بعضه إلى بعض بيد واحدة وأخرجت في صورة موحدة.
إن القوانين والسنن الحاكمة على الموجودات الطبيعية كلية وشاملة، بحيث لو أتيح لأحد أن يكشف ناموسا طبيعيا في نقطة من نقاط الكون فهو يكشف قانونا كليا سائدا على النظام من غير فرق بين أرضية وفلكية.
إن وحدة النظام وشمول السنن تقودنا إلى موضوعين:
1 - ليس للعالم إلا خالق واحد.
2 - ليس للعالم إلا مدبر واحد.
وعند ذلك يتجلى مفاد قوله سبحانه: * (ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين) * (2).
إن جملة " له الخلق " إشارة إلى التوحيد في الخالقية.
وجملة " والأمر " إشارة إلى التوحيد في التدبير الذي هو نوع من الحاكمية.
وباختصار، إن وحدة النظام وانسجامه وتلاحمه لا تتحقق إلا إذا كان الكون بأجمعه تحت نظر حاكم ومدبر واحد ولو خضع الكون لإدارة مدبرين،