تعالى أراد أفعال العبد لأجل أنه أراد اختياره وحريته. فسعة المشيئة لفعل العبد وإن هذا الفعل كان ظلما وبغيا، لا يحدث في ساحته سبحانه وصمة عيب أو شين. لأن المسؤول عن تحقق القبيح هو العبد الذي صرف هواه في البغي بدلا من العدل.
ولعلك لو وقفت على ما سنذكره عند البحث عن الأمر بين الأمرين لسهل عليك تصديق ذلك.
ثم إن لصدر المتألهين وتلاميذ منهجه وأستاذه السيد المحقق الداماد أجوبة أخرى مذكورة في كتابه فلاحظها (1).
* * * الأصل الرابع لزوم الفعل مع المرجح الخارج عن اختياره هذا هو الأصل الرابع الذي اعتمد عليه الأشاعرة، وحاصله إن العبد لو كان قادرا لكان ترجيحه لأحد الطرفين إما لا لمرجح (أي بلا علة) فيلزم انسداد باب إثبات الصانع، وإما لمرجح، فإن كان من العبد تسلسل وإن كان من الله تعالى فعند حصول ذلك المرجح يجب الفعل، وعند عدمه يمتنع فلا يكون مقدورا (2).
وتوضيحه على ما في المواقف وشرحه: إن العبد لو كان موجدا لفعله بقدرته فلا بد من أن يتمكن من فعله وتركه، وإلا لم يكن قادرا عليه، إذ القادر من يتمكن من كلا الطرفين. وعلى هذا يتوقف ترجيح فعله على تركه، على مرجح (علة)، وإلا فلو وقع أحد الطرفين بلا مرجح يلزم وقوع أحد الجائزين بلا سبب وهو محال، فإذا توقف وجود الفعل على المرجح، فهذا المرجح إما أن يكون من العبد باختياره أو من غيره، فعلى الأول يلزم التسلسل لأنا ننقل الكلام إلى صدور ذلك المرجح عن العبد فيتوقف صدوره