بالفاعل أبدا لا صدوريا ولا حلوليا بل يكفي نوع ملابسة بالمبدأ، كالتمار واللبان لبائع التمر واللبن. وأما عدم إطلاق الذائق على خالق الذوق فلأجل أن صدق المشتقات بإحدى أنواع القيام ليست قياسية حتى يطلق عليه سبحانه الذائق والشام بسبب إيجاده الذوق والشم. وربما احترز الإلهيون عن توصيفه بهما لأجل الابتعاد عما يوهم التجسيم ولوازمه.
الخامس إن لفظ الكلام كما يطلق على الكلام اللفظي، يطلق على الموجود في النفس. قال سبحانه: * (وأسروا قولكم أو اجهروا به إنه عليم بذات الصدور) * (1).
يلاحظ عليه: إن إطلاق " القول " على الموجود في الضمير من باب العناية والمشاكلة. فإن " القول " من التقول باللسان فلا يطلق على الموجود في الذهن الذي لا واقعية له إلا الصورة العلمية إلا من باب العناية.
حصيلة البحث إن الأشاعرة زعموا أن في ذهن المتكلم في الجملة الخبرية والإنشائية وراء التصورات والتصديقات في الأولى، ووراء الإرادة في الثانية شيئا يسمونه " الكلام النفسي "، وربما خصوا لفظ " الطلب " بالكلام النفسي في القسم الإنشائي. وبذلك صححوا كونه سبحانه متكلما، ككونه عالما وقادرا وأن الكل من الصفات الذاتية.
ولكن البحث والتحليل كما مر عليك أوقفنا على خلاف ما ذهبوا إليه، لما عرفت من أنه ليس وراء العلم في الجمل الخبرية، ولا وراء الإرادة والكراهة في الجمل الإنشائية شئ نسميه كلاما نفسيا. كما عرفت أن الطلب أيضا هو نفس الإرادة. ولو أرادوا بالكلام النفسي معنى الكلام اللفظي أو صورته العلمية التي تنطبق على لفظه، يرجع لبه إلى العلم ولا