اختياري، ناقض القضاء نفسه " (1).
ثم إن شارح المواقف نقل جوابا آخر في المقام عن بعضهم وهو أن العلم تابع للمعلوم على معنى أنهما يتطابقان والأصل في هذه المطابقة هو المعلوم. ألا ترى أن صورة الفرس مثلا على الجدار إنما كانت على هذه الهيئة المخصوصة، لأن الفرس في حد نفسه هكذا، ولا يتصور أن ينعكس الحال بينهما، فالعلم بأن زيدا سيقوم غدا مثلا، إنما يتحقق إذا كان هو في نفسه بحيث يقوم فيه دون العكس. فلا مدخل للعلم في وجوب الفعل وامتناعه، وسلب القدرة والاختيار وإلا لزم أن يكون تعالى فاعلا مختارا لكونه عالما بأفعاله وجودا وعدما (2).
ويلاحظ عليه كما أوعزنا إليه عند البحث عن القضاء والقدر: إنه خلط بين العلم الانفعالي كالصورة الواردة إلى النفس من ملاحظة ذيها، كما في المثال الذي ذكره، وبين العالم الفعلي الذي هو إما شرط لحصول المعلوم في الخارج أو سبب تام. فالأول كعلم المهندس المقدر لبناء البيت والمصور له. والثاني كتصور السقوط من شاهق الذي يستلزمه. وعلمه سبحانه ليس علما انفعاليا حتى يكون تابعا، بل هو في سلسلة العلل وإن لم يكن علة تامة في مجال الأفعال الاختيارية للإنسان ضرورة دور الإنسان في تحققها، فتكون المقايسة باطلة.