وأما الواجب عز اسمه، فلما كان علمه عن طريق إحاطته بالأشياء وقيامها به قياما حقيقيا فلا يتوقف علمه بها على الأدوات وإعمالها.
وإلى هذا الجواب يشير الفاضل القوشجي في شرح التجريد بقوله:
" إن إدراك الجزئيات إنما يحتاج إلى آلة جسمانية إذا كان العلم بانتزاع الصورة، وأما إذا كان إضافة محضة بدون الصورة فلا حاجة إليها " (1).
الشبهة الثالثة: العلم بالجزئيات يلازم الكثرة في الذات إن العلم صورة مساوية للمعلوم مرتسمة في العالم، ولا خفاء في أن صور الأشياء مختلفة، فيلزم كثيرة المعلومات وكثرة الصور في الذات الأحدية من كل وجه (2).
والإجابة عن الإشكال حسب ما عرفت واضحة، فإنه مبني على كون علمه بالأشياء مرتسما في ذاته سبحانه كارتسام الأشياء في النفس الإنسانية، فيلزم حدوث الكثرات في الذات الأحدية. وقد عرفت أن علمه بالأشياء ليس بهذا النمط، بل الهويات الخارجية حاضرة لذي ذاته بلا ارتسام، وهذا النوع من العلم أقوى من ارتسام صور الأشياء.
الشبهة الرابعة: العلم بالجزئيات يوجب انقلاب الممكن واجبا لو تعلق العلم بالمتجدد قبل تجدده لزم وجوبه وإلا لجاز أن لا يوجد، فينقلب علمه تعالى جهلا وهو محال (3).
وبعبارة أخرى: إن علمه تعالى لا يتعلق بالحوادث قبل وقوعها وإلا