وارتكاب الظلم نقص لكل أحد. وهو كذلك حسب إدراك العقل عنده سبحانه. ومعه كيف يجوز أن يرتكب الواجب خلاف الكمال، ويقوم بما يجر النقص إليه (1).
دفع إشكال ربما يقال إن كون الشئ حسنا أو قبيحا عند الإنسان، لا يدل على كونه كذلك عند الله سبحانه، فكيف يمكن استكشاف أنه لا يترك الواجب ولا يرتكب القبيح؟
والإجابة عنه واضحة، وذلك أن مغزى القاعدة السالفة هو أن الإنسان يدرك حسن العدل وقبح الظلم لكل مدرك شاعر، ولكل عاقل حكيم، من غير فرق بين الظروف والفواعل. وهذا نظير درك الزوجية للأربعة، فالعقل يدرك كونها زوجا عند الجميع، لا عند خصوص الممكن، فليس المقام من باب إسراء حكم الإنسان الممكن إلى الواجب تعالى، بل المقام من قبيل استكشاف قاعدة عامة ضرورية بديهية عند جميع المدركين من غير فرق بين خالقهم ومخلوقهم. ولا يختص هذا الأمر بهذه القاعدة، بل جميع القواعد العامة في الحكمة النظرية كذلك.
وعلى هذا يثبت تنزهه سبحانه عن كل قبيح، واتصافه بكل كمال في