الواحد فهم من أهل التثليث على هذا الاعتبار.
وعلى كل تقدير فالإجابة عن مشكلة الشرور تتحقق بوجهين:
الأول - تحليلها تحليلا فلسفيا كليا.
الثاني - تحليلها تحليلا تربويا مؤثرا في تكامل النفوس.
فعلى من يريد الاسهاب في البحث أن يلج البابين، وهاك البيان:
* * * البحث الأول - التحليل الفلسفي لمسألة الشرور.
حاصل هذا التحليل أن ما يظنه بعض الناس من أن هناك حوادث غير منتظمة، أو ضارة مدمرة، فإنما هو ناشئ من نظراتهم الضيقة المحدودة إلى هذه الأمور. ولو نظروا إلى هذه الحوادث في إطار " النظام الكوني العام " لأذعنوا بأنها خير برمتها، ويكون موقف المسألة كما قاله الحكيم السبزواري:
ما ليس موزونا لبعض من نغم * ففي نظام الكل كل منتظم هذه إجمال الجواب، وأما تفصيله فيتوقف على بيان أمرين:
الأمر الأول - النظرة الضيقة إلى الظواهر إن وصف الظواهر المذكورة بأنها شاذة عن النظام، وأنها شرور لا تجتمع مع النظام السائد على العالم أولا، وحكمته سبحانه بالمعنى الأعم ثانيا، وعدله وقسطه ثالثا، ينبع من نظرة الإنسان إلى الكون من خلال نفسه، ومصالحها، وجعلها محورا وملاكا لتقييم هذه الأمور. فعندما ينظر إلى الحوادث ويرى أنها تعود على شخصه وذويه بالإضرار، ينبري من فوره إلى وصفها بالشرور والآفات. وما هذا إلا لأنه يتوجه إلى هذه الظواهر من منظار خاص ويتجاهل غير نفسه في العالم، من غير فرق بين من مضى