وبمعدل وسطي يضح ستة وخمسين مليون غالون على مدى حياة الإنسان، فترى هل يستطيع محرك آخر القيام بمثل هذا العمل الشاق لمثل تلك الفترة الطويلة من دون حاجة لإصلاح؟..
وأمثال ذلك الكثير مما لا تستوعبه السطور بل ولا الزبر.
إن معطيات العلوم الطبيعية عما في الكون أفضل دليل على وجود الحكمة الإلهية في الفلكيات والأرضيات. ولا نطيل الكلام في الحكمة بهذا المعنى، فإنها في الحقيقة من شعب القدرة التي استوفينا الكلام فيها. على أنه يمكن الاستدلال على كونه حكيما من وجهين آخرين غير ما مر:
الأول: إن إرادته سبحانه تعلقت بخلق كل شئ بأحسن نظام، وإلا فإن صدور فعل خارج عن الإتقان والإحكام، إما لأجل جهل الفاعل بالنظام الصحيح، وإما لأجل عجزه، وكلا العاملين منفيان عن ساحته، لسعة علمه بكل شئ وسعة قدرته. فعدوله عن مقتضى العلم والقدرة الوسيعين يحتاج إلى دليل، وليس هو إلا كونه عابثا ولاغيا، وسيوافيك فيما يأتي أنه منزه عن القبيح.
الثاني: إن أثر كل فاعل يناسب واقع فاعله ومؤثره، فهو كالظل يناسب ذا الظل. فالفاعل الكامل من جميع الجهات يكون مصدرا لفعل كامل، وموجود متوازن أخذا بقاعدة مشابهة الظل لذي الظل.
الحكمة والإتقان في الكتاب والسنة إن توصيفه سبحانه بالحكمة بهذا المعنى ورد في الذكر الحكيم، قال سبحانه: * (آلر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) * (1).
وقد أشار الإمام علي (عليه السلام) إلى الحكمة الإلهية بمعنى