ومن جانب آخر: إن الفطرة الإنسانية توحي إلى صاحبها بحفظ القيم والعمل بالأخلاق كما أن علماء التربية يوصون بذلك. وعند ذلك يجد الإنسان في نفسه صراعا عنيفا بين ميوله، فلا بد لنجاحه في هذا المعترك من عامل يرجح كفة الفطرة الإنسانية الموحية بحفظ الأخلاق والعمل بالقيم، فما هو هذا العامل خصوصا في الفترات التي يغيب فيها الرقيب، وتنام فيها العيون، ولا يسأل الإنسان عما يفعل؟.
هنا يتجلى الدين بصورة عامل قوي يرجح كفة الأخلاق، ويوحي للإنسان بالعمل بالقيم وكبح جماح الغرائز، لأن المتدين يعتقد بأن كل ما يعمل من خير وشر في هذه الدنيا، سيحاسبه الله سبحانه عليه بأشد الحساب وأدقه * (وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء) * (1).
وهذا بخلاف ما إذا كان ملحدا ولم يعتقد بكتاب ولا حساب لا في الحياة ولا بعدها فلا يرى في معترك صراع الغرائز وتنازعها في كيانه رادعا عن نقض الحدود وتجاهل القيم غير عنصر ضعيف التأثير يدعى بالفطرة الإنسانية، التي سرعان ما تتقهقر أمام طوفان الشهوات، والنزوات.
وهذا شئ ملموس لا نطيل الكلام فيه.
ج - الدين حصن منيع في خضم متقلبات العالم إن الحياة في هذا الكوكب حليفة التعب والوصب، والإنسان يعيش في السراء والضراء، يفقد الأعزة ويواجه البلايا والنوازل إلى غير ذلك من الملمات المؤلمة القاصمة للظهر، فما هي السلوي في مواجهة علقم الحياة وحنظلها؟.