د - عدم قدرته تعالى على عين مقدور العبد ذهب الجبائيان إلى عدم سعة قدرته سبحانه، كما ذهب من تقدم، ولكن بتفصيل آخر وهو أنه تعالى لا يقدر على عين مقدور العبد، وإلا لزم اجتماع النقيضين إذا أراده الله وكرهه أو بالعكس.
بيان الملازمة: إن المقدور من شأنه الوقوع عند داعي القادر عليه، والبقاء على العدم عند وجود صارفه. فلو كان مقدور واحد واقعا من قادرين، وفرضنا وجود داع لأحدهما ووجود صارف للآخر في وقت واحد، لزم أن يوجد بالنظر إلى الداعي وأن يبقى على العدم بالنظر إلى الصارف، فيكون موجودا غير موجود، وهما متناقضان.
والجواب: أولا - إن الامتناع لا يختص بالصورة التي ذكرها الجبائيان أعني التي تعلق فيها داعي أحدهما بالفعل وصارف الآخر بعدمه، بل يجري الامتناع فيما إذا تعلقت إرادة كل منهما بإيجاد نفس المقدور وعينه، فإن لازم ذلك اجتماع علتين تامتين على معلول واحد.
ثانيا - إن عدم قدرته سبحانه على عين فعل العبد، لأجل أنها إنما تتعلق بالممكن بما هو ممكن فإذا صار ممتنعا ومحالا، فلا تتعلق به القدرة.
وعدم تعلقها بالممتنع لا يدل على عدم سعتها. وما فرضه الجبائيان من الصور، أو ما أضفناه إليها لا يثبت أكثر من أن صدور الفعل في تلك الظروف محال لاستلزامه اجتماع النقيضين في فرض الجبائيان أو اجتماع العلتين التامتين على معلول واحد كما في فرضنا. وما هو محال خارج عن إطار القدرة ولا يطلق عليه عدم القدرة.
وثالثا ماذا يريدان من قولهما " عين مقدور العبد "؟ هل يريدان منه الشئ قبل وجوده، أو بعده؟ فإذا أرادا الأول فلا عينية ولا تشخص في هذا