إنكار العلة الغائية بهذا المعنى، لا يلازم أن لا يترتب على فعله مصالح وحكم ينتفع بها العباد وينتظم بها النظام، وإن لم تكن مؤثرة في فاعلية الحق وعليته وذلك لأنه سبحانه فاعل حكيم، والفاعل الحكيم لا يختار من الأفعال الممكنة إلا ما يناسب ذلك، ولا يصدر منه ما يضاده ويخالفه.
وبعبارة ثانية لا يعني من ذلك أنه قادر لواحد من الفعلين دون الآخر وأنه في مقام الفاعلية يستكمل بالغاية، فيقوم بهذا دون ذاك بل هو سبحانه قادر على كلا الأمرين لا يختار منهما إلا ما يوافق شأنه، ويناسب حكمته، وهذا كالقول بأنه سبحانه يعدل ولا يجور، فليس يعني من ذلك أنه تام الفاعلية بالنسبة إلى العدل دون الجور بل نعني أنه تام القادرية لكلا العملين لكن عدله وحكمته، ورأفته ورحمته تقتضي أن يختار هذا دون ذلك مع سعة قدرته لكليهما.
هذا هو حقيقة القول بأن أفعال الله لا تعلل بالأغراض والغايات المصطلحة، مع كون أفعاله غير خالية من المصالح والحكم من دون أن يكون هناك استكمال.
وجهان آخران للأشاعرة ثم أن أئمة الأشاعرة لما وقفوا على منطق العدلية في المقام وإن المصالح والحكم ليست غايات للفاعل بل غايات للفعل وأنها غير راجعة إلى الفاعل، بل إلى العباد والنظام طرحوه على بساط البحث فأجابوا عنه وإليك نص كلامهم:
1 - " فإن قيل لا نسلم الملازمة وأن الغرض قد يكون عائدا إلى غيره ".
قيل له: نفع غيره والإحسان إليه إن كان أولى بالنسبة إليه تعالى من عدمه، جاء الالزام لأنه تعالى يستفيد حينئذ بذلك النفع والإحسان، ما هو أولى به وأصلح، وإن لم يكن أولى بل كان مساويا أو مرجوحا لم يصلح أن