السنن السائدة فيه، من دون جنوح - فعلا - إلى صحة إحدى الفرضيتين.
لا شك إن في تفسير العالم وتبيينه نظريتين متقابلتين لا تجتمعان أبدا، وسنبين فيما بعد الصحيح منهما، غير أن الذي نركز عليه هنا هو تحديد تأثير كل واحدة من النظريتين على تكامل العلوم ورقيها.
النظرية الأولى: تعتمد على أن العالم من الذرة إلى المجرة إبداع عقل كبير، وموجود جميل، غير متناه في القدرة والعلم، فهو بعلمه وقدرته أبدع العالم وخلقه.
النظرية الثانية: إن مادة العالم أزلية ليس للعلم ولا القدرة، الخارجين عنها، أي صنع وتأثير فيه، فلو وجدت فيه سنن، فإنما هي وليدة التصادف أو ما يشبهه من الفروض العلمية التي تشترك جميعها في القول بإفاضة المادة الصماء العمياء على نفسها السنن والقوانين.
نحن لا نريد التركيز على إحدى الفرضيتين لأن الحقيقة ستتجلى في الأبحاث الآتية، وإنما نركز على معرفة أية نظرية من النظريتين تحث الإنسان على التحقيق وتثير روح البحث في نفسه؟
هل القول بأن عالم المادة صنع موجود غير متناه في العلم والقدرة، قد أبدع المادة وأجرى فيها السنن والقوانين بفضل علمه وسعة قدرته؟
أو القول بأن المادة لم تزل أزلية وليس فيها للعلم والقدرة صنع، ولو صارت ذات سنن وقوانين فإنما هي وليدة الصدفة أو وليدة التضاد الحاكم عليها - كما هو أحد الفروض للماديين الماركسيين - أو ما يقرب من ذلك.
فأي النظريتين هو المؤثر في تقدم العلوم وتكاملها؟
لا شك إن الباحث عن الكون لو تذرع بالنظرية الأولى يجد في نفسه