منقضية بعد حدوث المراد، وإنما هي صفة كمال لكونها رمز الاختيار وسمة المقهورية حتى إن الفاعل المريد المكره له قسط من الاختيار، حيث يختار أحد طرفي الفعل على الآخر تلو محاسبات عقلية فيرجح الفعل على الضرر المتوعد به. فإذا كان الهدف والغاية من توصيف الفاعل بالإرادة هو إثبات الاختيار وعدم المقهورية فتوصيفه سبحانه بكونه مختارا غير مقهور في سلطانه، غير مجبور في إعمال قدرته، كاف في جري الإرادة عليه، لأن المختار واجد لكمال الإرادة على النحو الأتم والأكمل. وقد مر أنه يلزم في إجراء الصفات ترك المبادي والأخذ بجهة الكمال، فكمال الإرادة ليس في كونها طارئة زائلة عند حدوث المراد أو كون الفاعل خارجا بها عن القوة إلى الفعل أو من النقص إلى الكمال. بل كمالها في كون صاحبها مختارا، مالكا لفعله آخذا بزمام عمله، فلو كان هذا هو كمال الإرادة، فالله سبحانه واجد له على النحو الأكمل إذ هو الفاعل المختار غير المقهور في سلطانه، * (والله غالب على أمره) * (1).
الإرادة في السنة يظهر من الروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أن مشيئته وإرادته من صفات فعله، كالرازقية والخالقية، وإليك نبذا من هذه الروايات:
1 - روى عاصم بن حميد عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:
" قلت لم يزل الله مريدا؟ قال إن المريد لا يكون إلا لمراد معه. لم يزل الله عالما قادرا ثم أراد " (2).
يبدو أن الإرادة التي كانت في ذهن الراوي وسأل عنها هي الإرادة