الإلهيات - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤٣٨
ماذا يراد من التفويض؟
اتفقت كلمة الموحدين على أن الاعتقاد بالتفويض موجب للشرك، وأن الخضوع النابع من ذاك الاعتقاد يعد عبادة للمخضوع له، والتفويض يتصور في أمرين:
1 - تفويض الله تدبير العالم إلى خيار عباده من الملائكة والأنبياء والأولياء، ويسمى بالتفويض التكويني.
2 - تفويض الشؤون الإلهية إلى عباده كالتقنين والتشريع، والمغفرة والشفاعة، مما يعد من شؤونه سبحانه ويسمى بالتفويض التشريعي.
أما القسم الأول:
فلا شك أنه موجب للشرك، فلو اعتقد أحد بأن الله فوض أمور العالم وتدبيرها من الخلق والرزق والإماتة ونزول الثلج والمطر وغيرها من حوادث العالم إلى ملائكته أو صالحي عباده، فقد جعلهم أندادا له سبحانه، إذ لا يعني من التفويض إلا كونهم مستقلين في أفعالهم، منقطعين عنه سبحانه فيما يفعلون وما يريدون.
فالأمر دائر بين كون العبد ذا فعل بالاستقلال والانقطاع عن الله سبحانه (1) أو كونه ذا شأن بأمره تعالى وإذنه ومشيئته ولا قسم ثالث. والأول منهما هو التفويض. وأما الثاني وهو الاعتقاد بأن القديسين من الملائكة والجن أو الأنبياء أو الأولياء مدبرون للعالم بإذنه ومشيئته وأمره وقدرته من دون أن يكونوا مستقلين فيما يفعلون، أو مفوضين فيما يعملون، فليس موجبا

(1) وهو قسمان استقلال العبد في الأفعال الراجعة إلى تدبير العالم والحوادث الواقعة فيه وهو محل البحث. واستقلاله في أفعال نفسه كمشيه وتكلمه وهو ما يأتي البحث عنه في الجبر والتفويض وهو الفصل السادس من الكتاب.
(٤٣٨)
مفاتيح البحث: الإختيار، الخيار (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 ... » »»
الفهرست