والمصائب خير وسيلة لإيقاف الإنسان العاصي على نتائج عتوه وعصيانه حتى يعود إلى الحق ويرجع إلى الطريق الوسطى. وإلى هذه النكتة يشير قوله سبحانه: * (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) * (1). ويقول سبحانه في آية أخرى:
* (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون) * (2).
د - البلايا سبب لمعرفة النعم وتقديرها إن بقاء الحياة على نمط واحد يوجب أن لا تتجلى الحياة لذيذة محبوبة، وهذا بخلاف ما إذا تراوحت بين المر والحلو والجميل والقبيح، فلا يمكن معرفة السلامة إلا بالوقوف على العيب. ولا الصحة إلا بلمس المرض، ولا العافية إلا عند نزول البلاء. ولا تدرك لذة الحلاوة إلا بتذوق المرارة.
فجمال الحياة وقيمة الطبيعة ينشئان من التنوع والانتقال من حال إلى حال ومن وضع إلى آخر. ولأجل ذلك نلمس أن خالق الطبيعة جعل الوديان إلى جانب الجبال، والأشواك جانب الورود، والثمار المرة جنب الحلوة، والماء الأجاج جنب العذب الفرات، إلى غير ذلك من مظاهر التضاد والتباين التي تضفي على الطبيعة بهاء وجمالا، وكمالا وجلالا.
هذه هي الآثار التربوية للمصائب والبلايا، وتكفي في تسويغ نزولها، وتبرير تحقيقها في الحياة البشرية.
* * *