بأحد القولين ورفع الستار عن وجه الحقيقة، مع أنا نرى أنه ليس في الشريعة الإسلامية نص في المسألة، وإنما ظهرت في أوائل القرن ألقاني. نعم، استدلت الطائفتان ببعض الآيات، غير أن دلالتها خفية، لا يقف عليها على فرض الدلالة إلا الأوحدي. وما يعد ملاك التوحيد والشرك يجب أن يرد فيه نص لا يقبل التأويل ويقف عليه كل حاضر وباد.
وقد نقل الأشعري في كتابه (الإبانة) أخبارا في شرك أبي حنيفة والبراءة منه واستتابة ابن أبي ليلى إياه لقوله بخلق القرآن، فتاب تقية، مخافة أن يقدم عليه، كما صرح هو نفسه بذلك (1). مع أن الطحاوي ذكر في عقائده ما يناقض ذلك وقال بعدم خلق القرآن رغم أنه حنفي المشرب والمسلك.
2 - كان بعض السلف يتحرجون من وصف القرآن بأنه قديم وقالوا فقط إنه غير مخلوق. لكنهم تدرجوا في هذا القول حتى وصفوا كلام الله بأنه قديم. ومن المعلوم أن توصيف شئ بأنه غير مخلوق أو قديم مما لا يتجرأ عليه العارف، لأن هذين الوصفين من خصائص ذاته فلو كان كلامه سبحانه غير ذاته فكيف يمكن أن يتصف بكونه غير مخلوق أو كونه قديما. ولو فرضنا صحة تلك العقيدة التي لا ينالها إلا الأوحدي في علم الكلام فكيف يمكن أن تكون هذه المسألة الغامضة مما يجب الاعتقاد به على كل مسلم مع أن الإنسان البسيط بل الفاضل لا يقدر أن يحلل ويدرك كون شئ غير الله سبحانه وفي الوقت نفسه غير مخلوق.
إن سهولة العقيدة ويسر التكليف من سمات الشريعة الإسلامية وبها تفارق سائر المذاهب السائدة على العالم، مع أن تصديق كون كلامه تعالى وهو غير ذاته غير مخلوق أو قديم، شئ يعسر على الخاصة فكيف على العامة.