3 - إن الظاهر من أهل الحديث هو قدم القرآن " المقروء " وهو أمر تنكره البداهة والعقل ونفس القرآن. وقد صارت تلك العقيدة بمنزلة من البطلان حتى تحامل عليها الشيخ محمد عبده إذ قال: " والقائل بقدم القرآن المقروء أشنع حالا وأضل اعتقادا من كل ملة جاء القرآن نفسه بتضليلها والدعوة إلى مخالفتها " (1).
ولما رأى ابن تيمية، الذي نصب نفسه مروجا لعقيدة أهل الحديث، أنها عقيدة تافهة صرح بحدوث القرآن المقروء وحدوث قوله * (يا أيها المزمل) * (2) و * (يا أيها المدثر) * (3) وقوله * (لقد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) * (4).. إلى غير ذلك من الآيات الدالة على حدوث النداء والسمع من حينه لا من الأزل (5).
والعجب أنه يستدل بدليل المعتزلة على حدوث القرآن المقروء، ويقول إن ترتيب حروف الكلمات والجمل يستلزم الحدوث، لأن تحقق كلمة " بسم الله " يتوقف على حدوث الباء وانعدامها ثم حدوث السين كذلك إلى آخر الكلمة. فالحدوث والانعدام ذاتي لمفردات الحروف لا ينفك عنها، وإلا لما أمكن أن توجد كلمة، فإذن كيف يمكن أن يكون مثل هذا قديما أزليا مع الله تعالى؟.
4 - لما كانت فكرة عدم خلق القرآن أو القول بقدمه شعار أهل الحديث وسمتهم ومن جانب آخر كان القول بقدم القرآن المقروء والملفوظ شيئا لا يقبله العقل السليم، جاء الأشاعرة بنظرية جديدة أصلحوا بها القول