أنه مع تركه الأذان قد فعل محرما نفسيا أو غيريا بل الجواز يستعمل بمعنيين الأول:
بمعنى الرخصة مقابل الحرمة. الثاني: بمعنى المضي والتجاوز (أي ترتب الأثر المقصود من الشئ) مقابل الوقوف والسكون (أي عدم ترتب الأثر) فيكون عدم الجواز أعم من الحرمة إذ يحتمل أن يكون بمعناه الثاني ويكون المراد من قوله:
" لا ولكن يؤذن ويقيم " عدم ترتب أثر الأذان والإقامة بذلك الأذان والإقامة أي لم تتأدى الوظيفة المطلوب منهما ويتحد حينئذ معنى عدم الجواز مع عدم الاجتزاء.
فإن قلت: هذا خلاف ظاهر لا يجوز فإن لا يجوز لو لم يكن معناه الحرمة فلا أقل من ظهوره الاطلاقي في ذلك ولذا لم يتوقف أحد في ظهور قوله لا يجوز شرب الخمر وقوله لا يجوز الصلاة في الحرير في الحرمة النفسية أو الشرطية المساوقة للمانعية.
قلت: تارة يرد قوله عليه السلام لا يجوز لمقام تشريع الحكم وهذا مما لا ينكر ظهوره الاطلاقي في الحرمة وأخرى يرد بعد تشريع الحكم كما في المقام حيث إنه بعدما ثبت شرعية الأذان والإقامة والأمر بهما في الشريعة وقع السؤال عن أنه هل يجوز الصلاة بذلك الأذان والإقامة أي هل يكتفى بهما عن أمرهما فقال عليه السلام " لا " أي لا يكتفى بهما بل لا بد من تجديد الأذان والإقامة بعدما انقلبت الصلاة الفرادى إلى الجماعة، وأين هذا من الدلالة على الوجوب، ثم إنه لم يظهر من الرواية كون اللاحق هو الإمام أو السابق فإن كان اللاحق مأموما والسابق إماما فقطعا لا يعتبر تجديد الأذان والإقامة، ومما انعقد عليه الاجماع فلا بد من حملها بصورة كون اللاحق هو الإمام.
وأما مفهوم صحيحة الحلبي (1) فعدم دلالته على الوجوب أظهر كما لا يخفى فالأقوى أن الجماعة كالفرادى لا يجب فيها الأذان وإن كان أفضل للأخبار المتقدمة