مما لا يمكن، وإن أمكن بالنسبة إلى الشرائط والموانع كالجهل بكون الشئ مما يؤكل أو كونه حريرا وغير ذلك من موارد الجهل بموضوعات الشروط والموانع.
وهذا بخلاف الجهل بنفس المتعلق فإنه غير معقول إذ بعد العلم بوجوب الفاتحة السقط من نسخة الأصل وتبين مفهومها لا يمكن الجهل بها فالضابط الكلي هو أن الجهل إما أن يتعلق بالحكم الشرعي، وإما أن يتعلق بموضوع التكليف فيها إذا كان للتكليف تعلق بموضوع خارجي، وفيما عدا ذلك لا يمكن الجهل إلا إذا رجع الجهل إلى الجهل في المحصل، لا في نفس متعلق التكليف، كما تقدم الكلام في ذلك عند البحث عن اللباس المشكوك، فراجع. وعلى كل حال الجاهل بالحكم يكون حكمه حكم العامد، إلا في مواضع الجهر والاخفات والقصر والاتمام، على ما تقدم تفصيل الكلام في ذلك في مبحث القراءة.
والسر في ذلك هو أن الأحكام يشترك فيها العالم والجاهل، حسب ما قام عليه الاجماع. ونطقت به الأدلة، من غير فرق في ذلك بين الجاهل القاصر والمقصر. وإن كان القاصر معذورا لا عقاب عليه، إلا أنه ليس الكلام في المقام في العقاب، بل الكلام في الصحة والبطلان.
وبالجملة: لا إشكال في أن الأحكام بنتيجة الاطلاق تعم العالم والجاهل إلا في الموضعين المتقدمين حيث إنها بنتيجة التقييد تختص بالعالم، كل ذلك القيام الدليل على ذلك، إذ نفس أدلة جعل الأحكام لا يمكن أن تتكفل لبيان ذلك، فإن العلم والجهل من الانقسامات اللاحقة للأحكام بعد [جعلها] والاطلاق، والتقييد اللحاظي إنما يتصور في الانقسامات السابقة دون الانقسامات اللاحقة، للزوم الدور كما بيناه في محله. إلا أنه مع ذلك الاهمال الواقعي لا يمكن، إذ المصلحة التي اقتضت جعل الحكم على طبقها، إما أن تكون محفوظة في كلا حالتي العلم والجهل، وإما أن تكون مقصورة بصورة العلم. فإن كانت على الوجه