والمعراج هو ان يشاهد الرسول الأعظم " صلى الله عليه وآله وسلم " بعض آثار عظمة الله تعالى، في عملية تربوية رائعة، وتعميق وترسيخ للطاقة الايمانية فيه، وليعده لمواجهة التحديات الكبرى التي تنتظره، وتحمل المشاق والمصاعب والأذايا التي لم يواجهها أحد قبله، ولا بعده، حتى لقد قال حسبما نقل " ما أوذي نبي مثلما أوذيت ". وعلى حسب نص السيوطي، والمناوي، وغيرهما: " ما أوذي أحد ما أوذيت " (1) ولا سيما إذا عرفنا: ان عمق إدراك هذا النبي الأعظم " صلى الله عليه وآله وسلم " - وهو عقل الكل، وإمام الكل - لاخطار الانحرافات في المجتمعات، وانعكاساتها العميقة على الأجيال اللاحقة كان من شأنه أن يعصر نفسه ألما من اجلهم، ويزيد في تأثره وعذاب روحه حتى لقد خاطبه الله تعالى بقوله " فلا تذهب نفسك عليهم حسرات (2) ".
وأيضا، فإنه بالاسراء والمعراج يفتح قلبه وعقله ليكون أرحب من هذا الكون، ويمنحه الرؤية الواضحة، والوعي الأعمق في تعامله مع الأمور، ومعالجته للمشكلات. ولا سيما إذا كان لابد أن يتحمل مسؤولية قيادة الأمة والعالم بأسره.
وكذلك ليصل هذا النبي الأمي إلى درجة الشهود والعيان بالنسبة إلى ما أوحي إليه، وسمع به عن عظمة ملكوت الله سبحانه، ولينتقل من مرحلة السماع إلى مرحلة الرؤية والشهود، ليزيد في المعرفة يقينا، وفي الايمان رسوخا.
وثالثا: لقد كان الانسان - ولا سيما العربي آنئذ - يعيش في نطاق ضيق، وذهنية محدودة، ولا يستطيع أن يتصور أكثر من الأمور الحسية، أو