أو إبهام فيها، فهي بسيطة وسهلة، لا يحتاج إدراك حقانيتها إلى تفكير عميق، أو إجهاد في فهم مراميها، والتكهن بنتائجها.
ولذلك نجد أهل المدينة يدركون بسرعة قدرة هذه الدعوة على حل مشاكلهم، فيسارعون إلى قبولها، بمجرد سماعهم لأهدافها، ومبادئها.
ومن الواضح: أن أهل المدينة كانوا لا يعانون من ظروف أهل مكة، الذين يحاربون الاسلام؟ لانهم رأوا فيه خطرا على مصالحهم الشخصية، وامتيازاتهم الظالمة التي فرضوها لأنفسهم، وأهوائهم وانحرافاتهم، كما أوضحناه في غير موضع.
إن أهل المدينة بالإضافة إلى إخبارات اليهود لهم، قد رأوا منذ اللحظات الأولى في الاسلام وتعاليمه المنقذ لهم، والمخرج من الظلمات إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، ورأوا فيه الموافقة للفطرة والعقل السليم. سواء على صعيد العقائد أو التشريع، أو على صعيد اتخاذ القرار الاجتماعي والسياسي، فقد سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عما يدعو إليه، فقال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وأدعوكم إلى:
" أن لا تشركوا به شيئا، وبالوالدين إحسانا، ولا تقتلوا أولادكم من املاق، نحن نرزقكم وإياهم، ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون، ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن، حتى يبلغ أشده، وأوفوا الكيل والميزان بالقسط، لا نكلف نفسا إلا وسعها، وإذا قلتم فاعدلوا، ولو كان ذا قربى، وبعهد الله أوفوا، ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون " (1).
ولأجل ذلك اعتقدوا بهذه الدعوة، وحاربوا قريشا والعرب من أجلها