الشام (1). لا سيما وأنه لم يكن في قبيلته سيد أصلا (2)، ولم تؤثر عنه في طول حياته مع النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أية مواقف شجاعة، وحاسمة، بل لم نجد له أية مبارزة، أو عمل جرئ في أي من غزواته، رغم كثرتها وتعددها.
بل لقد رأيناه يفر في غير موضع، كأحد، وحنين وخيبر حسبما صرح به الجم الغفير من أهل السير، ورواة الأثر، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ومن الطريف هنا ما رواه الزمخشري، من أن أنس بن مدركة كان قد أغار على سرح قريش في الجاهلية؟ فذهب به، فقال له عمر في خلافته:
لقد أتبعناك تلك الليلة؟ فلو أدركناك؟. فقال: لو أدركتني لم تكن للناس خليفة (3).
والخلاصة: انه لا يمكن أن يعز الاسلام بعمر، الذي لم يكن له عز في نفسه، ولا بعشيرته، ولا شجاعة يخاف منها.
ب - إننا سواء قلنا: إن عمر قد أسلم قبل الحصر في الشعب أو بعده، فإن الامر يبقى على حاله، لأننا لم نجد أي تفاوت في حالة المسلمين قبل وبعد إسلام عمر، ولا لمسنا أي تحول نحو الأفضل بعد إسلامه، بل رأينا: عكس ذلك هو الصحيح، فمن حصر المشركين للنبي " صلى الله عليه وآله وسلم " والهاشميين في الشعب، حتى كادوا يهلكون جوعا، وحتى كانوا يأكلون ورق السمر، وأطفالهم يتضاغون جوعا. إلى تآمر على حياة النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ". ثم بعد وفاة أبي طالب رحمه الله لم يستطع " صلى الله عليه وآله وسلم " دخول مكة بعد عودته من الطائف إلا بعد مصاعب جمة، لم نجد عمر ممن