اشتراط الطهارة في الصلاة التي هي عبارة عن الأفعال، فيكفي فيه وقوع الأفعال مع الطهارة، ولا يقدح من هذه الجهة تخلل الحدث، إذ الطهر لأفعالها، فقوله عليه السلام: " لا صلاة إلا بطهور " (1) نظير قوله: " لا عمل إلا بنية " (2) في اعتبار وجودها في أجزاء العمل، لا في أحوال الكون فيه وإن لم يشتغل بجزء منه. نعم، تخلل الحدث وكونه ناقضا للصلاة حكم آخر ثبت بالدليل، لكن المفروض أن فقد هذا الشرط لا يقدح في الصلاة إجماعا، فإهماله لا يوجب إهمال مقتضى قوله: " لا صلاة إلا بطهور ".
هذا مضافا إلى ما تقدم من الأخبار. نعم، لو أغمض عنها، لدعوى قصور في دلالتها كان الأحسن الاستدلال على هذا المذهب بأصالة البراءة عن وجوب تجديد الطهارة بعد تعارض قوله: " لا صلاة إلا بطهور " المنضم إلى أدلة إطلاق حدثية هذا الحدث، مع ما دل على بطلان الصلاة بالفعل الكثير، فيرجع إلى أصالة البراءة من تجديد الوضوء، لأنه مشكوك الشرطية، مضافا إلى ما تقدم من استصحاب الإباحة وصحة المضي في الصلاة على تقدير الإغماض عما أوردنا عليه سابقا.
ثم إن في وجوب إزالة الخبث عند تجديد الطهارة، لعموم أدلته، أو عدمه، لمعارضتها بأدلة إبطال الفعل الكثير في أثناء الصلاة - خرج ما اتفق على جوازه، وهو التطهر من الحدث، فيرجع إلى أصالة عدم الوجوب - وجهين.
هذا كله فيمن تمكن من فعل بعض الصلاة بحيث لا يلزم عليه من