تجديد الطهارة والبناء على ما مضى حرج شديد لتكرره في الصلاة، أما لو كان الحدث كثير التكرر بحيث يتعذر أو يتعسر التجديد والبناء رجع فيه إلى مقتضى القاعدة، وهو مذهب المشهور في السلس.
والظاهر أن إطلاق المبطون في كلام المشهور ينصرف إلى الأول، وحكم الثاني عندهم حكم السلس، كما أنه قد يدعى أن إطلاق السلس في كلامهم أيضا ينصرف إلى من لا يتمكن من التجديد والبناء، وأما المتمكن منه فحكمه حكم المبطون (1).
لكن لا يخفى أن إلحاق الفرد من المبطون بالسلس لا يخالف شيئا من الأصول، بخلاف إلحاق الفرد من السلس بالمبطون، فإنه مخالف لأصالة البراءة في المشكوك الشرطية مع عدم التمكن من الاحتياط لدوران التجديد بين كونه شرطا أو مبطلا إلا بتكرار العبادة.
هذا، مع الإغماض عن قاعدة " ما غلب الله... " كما ذكرنا من دورانه بين أن يوجب المعذورية في ترك الطهارة أو في إتيان الفعل الكثير لأجل تحصيلها.
وقد يقال: إن أدلة إبطال الفعل الكثير لا تنصرف إلى مثل المقام، وفساده غير خفي، فإن نفس فعل الطهارة في أثناء الصلاة مبطل قطعا، ولذا لو اشتغل أحد في أثناء الصلاة بالوضوء التجديدي بطلت قطعا، وإنما وقع الشك فيما نحن فيه من جهة مزاحمة هذا بشئ آخر وهو فعل بعض أفعال الصلاة مع الحدث، فلا بد من ملاحظة ما هو الأرجح في نظر الشارع، إما لكونه أهم، وإما لكونه أيسر على المكلف، ومع الشك في التعيين فالمرجع هو الأصل.