المراد بالتبعيض المبطل هو تقاطع الأفعال بالمرة عينا وأثرا، فإذا حصل تواصل الأفعال كفى وإن لم يتواصل الآثار أعني بلل الأعضاء، وكذا إذا حصل تواصل الآثار ولم يحصل تواصل الأفعال بأنفسها، فالتحديد بالجفاف في النص والفتوى لعله بيان لأقل ما يجزي من التتابع بحسب الغالب، لا أنه لو فرض تواصل نفس الأفعال واتفق الجفاف لم يجز.
ومما ذكرنا يعلم أنه ليس في الأخبار ككلمات الأصحاب الآتية ما ينافي هذا المعنى المحكي عن الصدوقين، لا لما في المدارك (1) في رد الشهيد (2) المدعي لمخالفته للأخبار الكثيرة من اختصاص مورد أخبار قدح الجفاف بالجفاف الحاصل بالتفريق، فيرد عليه: أن العبرة بعموم التعليل في قوله عليه السلام: " إن الوضوء لا يتبعض "، وقوله: " إن الوضوء يتبع بعضه بعضا "، بل لما عرفت من أن المتابعة أعم من أن يكون من حيث الآثار.
توضيح ذلك: أن المراد بالمتابعة في العلة المذكورة في قوله عليه السلام في رواية: " اتبع وضوئك بعضه بعضا " (3) لا يجوز أن يكون المراد به خصوص تتابع الأفعال عرفا، وكذا المراد من التبعيض المنفي في الوضوء في العلة المذكورة لا يجوز أن يكون خصوص تقاطع الأفعال بعينها، لما في الأخبار الكثيرة من أن الناسي للمسح يأخذ من بلل لحيته وإن تذكر في حال الصلاة (4) ومن المعلوم أن المتابعة العرفية هنا غير حاصلة والقاطع بين الأفعال حاصل.