موضوعهما حتى يحتاج كل منهما إلى قصد مميزه، وإن كان أحدهما على وجه الوجوب والآخر على وجه الاستحباب، فإن كانا مما لا يوجدان إلا تدريجا كان الموجود أولا واجبا والآخر مندوبا، ففي كل زمان لا يوجد إلا تكليف واحد فلا اشتراك للصوم فعلا بين الواجب والمندوب، لأن طبيعة صوم اليوم إذا فرضت مطلوبة على وجه لا يرضى بتركه فالمنطبق عليها ليس إلا الفرد الواقع أولا، أما الواقع ثانيا فهو مرضي الترك قطعا.
ولو فرض الفعلان المختلفان بالوجوب والاستحباب مما يمكن إيجادهما دفعة، كإعطاء درهم [وإعطاء درهم] (1) آخر، رجع الأمر إلى كون (2) إعطاء الواحد لا بشرط الزيادة واجبا وإعطاء الواحد بشرط الزيادة أفضل أفراده، فيصير كصورة التدريج في اختصاص الزمان الأول بالوجوب والثاني بالاستحباب.
فتحصل مما ذكرنا: أن اشتراك الفعل في هذا القسم بين الفردين المختلفين اشتراك بالقوة دون الفعل، ومنه يظهر أن وصفي الوجوب والندب لا يقع الحاجة إليهما في صورة (3) اشتراك ما في ذمة المكلف فعلا بين الواجب والمندوب، لما عرفت أن الاشتراك الفعلي إنما يكون مع تقيد عنوان كل منهما أو أحدهما في الأدلة الشرعية بقيد، ومعه يكفي ملاحظة القيد في التميز عن ملاحظة الوجوب والندب، كما يكفي ملاحظتهما عن ملاحظة القيد كما عرفت فيما تقدم، فالحاجة إليهما إنما هي مع اشتراك العبادة بحسب قابليتها في نفسها