وإما إجمالية كما فيما عداه؟
وبعبارة أخرى: كما يجوز الإرادة عند غسل اليدين في الوضوء ولا يقدح عزوبها عند غسل الوجه ويكون العمل الواجب - وهو الوضوء الذي أوله غسل الوجه - واقعا مع النية، فلا بأس بتقديم النية عند إحضار الماء للوضوء أو أخذ الإبريق للصب، ولا يقدح عزوبها عند غسل اليدين.
ويمكن أن يجعل خلافهم - بعد اتفاقهم على كون النية هي الإرادة التفصيلية المتوقفة على الإخطار - في أن المعتبر مقارنة تلك الإرادة لنفس المأمور به، أو يكفي مقارنتها لما يتعلق به بما يعد معه فعلا واحدا. والأظهر في كلماتهم جعل محل الخلاف هو الأول.
إذا عرفت هذا علمت أن ما نسب إلى المشهور من أن النية هي الصورة المخطرة بالبال، وأنها عندهم حديث نفسي ممتد، وأنها عندهم مركبة لا بسيطة (1)، لا يخلو عن شئ، لأن النية عند هؤلاء هي الإرادة المنبعثة عن تصور الفعل وتصور غايته، فالصورة المخطرة مقدمة للنية لا نفسها.
نعم، ربما يظهر من بعض كلماتهم: أن النية أمر ممتد زماني، كما لا يخفى على من راجع ما في الذكرى (2) وغيرها (3) من الثمرات المذكورة لجزئية النية وشرطيتها.