وأضعف من ذلك ما ظن استناد المشهور وركونهم إليه في ما اختاروه، قال في مفتاح الكرامة: أظن أن الباعث لهم على ما ذكروه حصر القوى الباطنة في الحواس الخمسة المشهورة، فلما حصروا القوى الباطنة المؤثرة في حدوث الأشياء والعلة الغائية الموجدة لها في المخطر بالبال، إذ لو لم تكن حاضرة في البال لم يصدر منها شئ، لعدم حضورها في الذهن، والمعدوم لا يؤثر، وكذا إذا كانت موجودة في الذهن إلا أنها في الحافظة لا في البال، لأن الساهي والناسي لتلك الصورة والغافل عن تلك العلة الغائية كيف يصدر عنه معلولها المتوقف عليها؟ فلا بد أن تكون ملحوظة حتى تؤثر. ثم قال: وليس الأمر كما ذكروه، لأنه كثيرا ما لا تكون العلة الغائية والداعي حاضرا في بال (1)، بل يكون في أوائل الحافظة أو الخيال، ومع ذلك توجد أثرا بينا ظاهرا شديدا (2) مثل الصادر عن المخطر بالبال من غير تفاوت أصلا، ونحن نشاهد بالعيان أن الفعل الكثير الأجزاء لا يصدر عن المخطر إلا الجزء الأول منه، والباقي يحدث من الموجود في أوائل الحافظة، بل كثيرا ما يقع مجموع الفعل عنه (3)، انتهى.
ولا يخفى على المتأمل ما فيه، فضلا عما في ارتباطه بمذهب المشهور.
وأضعف من الكل ما قيل (4): من أن حاصل الفرق بين القول بالداعي