فيكون الإطعام واجبا قطعا، إذ لا يستحب لأحد إعطاء مال الغير بدون رضاه.
قلنا: لما كان ذلك الاحتمال غير معلوم أيضا، فيكون فعله مما لم تعلم جهته حينئذ أيضا، مع أنه لا قائل بوجوب الإطعام، بل كل من قال به، فقال باستحبابه، فالإجماع قرينة على تعيينه.
ومن ذلك يظهر لزوم حمل الأخبار الآمرة بالإعطاء أو الدالة على الاختصاص والملكية الظاهرة في الوجوب - كصحيحة البصري وروايتي ابن عمار وابن رباط المتقدمة (1) - على الاستحباب أيضا، لأن السدس المذكور فيها محمول على الإطعام بقرينة الموثقة والرواية الأخيرتين، والإطعام ليس إلا مستحبا. مع أن القول بالسدس مطلقا في الصور المذكورة في الروايات على جهة التوريث إما لا قائل به، أو شاذ لا اعتبار به، كما مر، فهذه الروايات أيضا أدلة على الإطعام، فقد عرفت وجه التفصي عنها.
ثم إن القدر المجمع عليه الثابت من هذه الأخبار هو استحباب الطعمة في الجملة، وقد وقع فيها مواضع خلاف كما نبينها في مسائل:
المسألة الأولى: المطعم - بالفتح - هو الجد والجدة مطلقا، سواء كانا من الأب أو الأم، وفاقا للمشهور.
وخلافا للحلبي حيث خصه بالمتقرب بالأب (2)، وحكاه بعض الأجلة عن ابن زهرة والمحقق الطوسي أيضا (3).
وللمحكي عن ابن زهرة حيث خصه بأم الأم (4).