البينة مطلقا، لأن مقتضى دليلهم للأولين عدم اعتبار بينة المستأجر، فكيف يحكم له بها؟!
والتحقيق: أنه لا ينبغي الريب في كون المستأجر مدعيا أيضا - كما مر في كلام الأردبيلي - وإن استلزمت دعواه نفي الزائد، للصدق الواضح العرفي.
ونظير ذلك دعوى المطالب بالدين للأداء، فإنه مدع مع استلزامه نفي ما يطالب به.
وكذا لو ادعى زيد على عمرو مائة، ثمن فرسه المعين الذي باعه له أمس، وادعى عمرو موت ذلك الفرس بعينه شهرا قبل الأمس، وكانت له بينة، فإنه تسمع بينته وإن استلزمت نفي ما يدعيه زيد من الثمن عنه.
والأمر كذلك هنا، لأن المستأجر يدعي وقوع العقد على الخمسة، وهو ادعاء وإن استلزم نفي الزائد، فتقديم قوله مطلقا - لأنه منكر محض - لا وجه له.
نعم، هو منكر لوقوع العقد على العشرة المستلزمة لإثبات الزيادة، كما أن المؤجر منكر لوقوعه على الخمسة المستلزمة لنفيها، فالقول الأول - في صورة عدم البينة والاختلاف في القدر - غير جيد.
وأما القول بالتحالف فيها فهو وإن كان موافقا للقاعدة، إلا أن الرجوع إلى أجرة المثل بعده غير جيد، لأنها قد تكون أنقص من الخمسة، مع اعتراف المستأجر باشتغال الذمة بها، وقد تكون أزيد من العشرة، مع اعتراف المؤجر بعدم استحقاق الزائد.. بل هما معترفان بوقوع العقد على المعين، وأنه ليس غير الخمسة أو العشرة، فالرجوع بعد التحالف إلى القرعة بين القدرين أجود، مع أن في التحالف هنا أيضا كلاما مر وجهه،