وظهر من ذلك أن الجائز من تلك الصور المتكثرة هذه الصورة فقط، فإنها جائزة حتى بالرجوع إلى السلاطين الجبابرة وقضاة الجور.
والمقبولة المتقدمة وإن كانت من جهة التعليل المذكور فيها عامة لصورة إمكان الأهل وعدمه، ولكن تعارضها أدلة نفي الضرر بالعموم من وجه، فيرجع إلى أصل الجواز.
ويمكن إخراج صورة أخرى أيضا بأدلة وجوب النهي عن المنكر، وهو: ما إذا كان مجتهد حي واحد تعذر أو تعسر الوصول إليه، أو مجتهدان أو أكثر كذلك، متفقان في المسألة المتنازع فيها، وكانت المسألة مما يجب بناء الأمر على التقليد فيها، فيجوز للمقلد العادل العالم برأي المجتهد الحي الحكم بمقتضى فتواه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
كما إذا تحقق عشرة أرضعة بين صبي وصبية، ثم تزوج الصبي بالصبية بعد البلوغ، ثم تنازعا، وكان المجتهد أو المجتهدون الأحياء المتعسر الوصول إليهم متفقين في نشر الحرمة بالعشر وعدمه.. وكذلك إذا وقع نكاح البالغة الباكرة بإذن الولي (1) وتنازع الزوجان، وأمثال ذلك، فتأمل.
فرع: لو ترافعا إلى غير الأهل حيث يحرم، فحكم، فهل يجوز قبول حكمه، أم يجب الرد إن أمكن؟ فيه تفصيل.
وهو: أنه إذا حكم، فإن كان المحكوم به مما يباح برضى المحكوم عليه، فلا بأس له في العمل بمقتضى حكمه إن رضي، للأصل، إلا أن العمل ليس حينئذ بالحكم.