وأما التفصيل المذكور فلا أرى له وجها مقبولا، إلا ما قد يضم مع أصالة حجية شهادة العدلين من ظاهر الإجماع على عدم القبول هنا مع عدم الإشهاد، أو ما قد يضم مع أصالة عدم الحجية من ظاهر الإجماع على القبول مع الإشهاد.
وما قد يقال من مسيس الحاجة واقتضاء الضرورة للقبول، وللزوم تقدير الضرورة بقدرها واندفاعها بالقبول مع الإشهاد يجب الاقتصار عليه.
وهما ضعيفان جدا، لمنع الإجماعين، سيما في جانب عدم القبول.
ومنع مسيس الحاجة أولا، لإمكان حصول العلم بالحكم بواسطة القرائن المنضمة مع العدل أو العدلين أو جماعة من غير العدول، سيما مع الكتابة، وإمكان إشهاد الشاهدين على شهادة الأصل، وغير ذلك.
مع أنه قد لا ترتفع الضرورة بالشهادة مع إشهاد الحاكم أيضا، لعدم تمكن الشاهدين من المسافرة.
وبالجملة: اللازم في هذه المسألة البناء على حجية مطلق شهادة العدلين وعدمها، وسيأتي تحقيقه في باب الشهادات.
ولكن ذلك إذا شهدا بالحكم، بأن يقولا: كنا في مجلس المرافعة، فادعى فلان على فلان، وأنكر المدعى عليه أو كان غائبا، فحكم عليه الحاكم بعد الإتيان بما كان عليه في الترافع.
وكذا لو علما بالدعوى والترافع بالقرائن ثم سمعا الحكم.
ولكن لو سمعا من الحاكم إخباره بالحكم - أي قال لهما: إني حكمت قبل ذلك - لا تقبل الشهادة، لما عرفت من عدم وجوب قبول إخبار الحاكم بنفسه بذلك عند الحاكم الآخر.
وكذا إذا حكم الأول - ثم كتب حكمه في ورقة فقال للشهود أو