والحق أن الأصل فيما فتح بغير إذن الإمام وإن كان كونه من الأنفال - كما دلت عليه الرواية الثامنة عشرة (1) - إلا أن حكم الأراضي المفتوحة بعد زمان رسول الله صلى الله عليه وآله بأجمعها حكم المفتوحة عنوة بإذن الإمام..
بمعنى: أن الإمام - الذي هو مالك الأنفال - أجرى عليها حكمها، كما تدل عليه الرواية الثامنة (2) بضميمة الأولى والثانية (3).
ولا تعارض بينها وبين الثامنة عشرة، لأن مدلول الثامنة عشرة: أن ما اغتنم بغير إذن الإمام كله للإمام، ومدلول هذه: أن الإمام سار في الأراضي التي فتحت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله سيرة المفتوحة عنوة.
مع أنه لو قلنا بالتعارض كانت هذه بملاحظة أصالة عدم الإذن أخص مطلقا من الثامنة عشرة، فتخصصها قطعا.
وبما ذكرنا ظهر وجه ما قاله الأكثر من كون أرض السواد مفتوحة عنوة (4) - أي أنها بحكمها - ويريدون ذلك المعنى.
وأما الحكم بكونها مفتوحة بإذن الإمام فليس هو مراد الأكثر وإن ذكره بعضهم نظرا إلى ما نقل من أن الحسنين عليهما السلام كانا مع العسكر، وأن عمار ابن ياسر كان أميرا، مؤيدا بقبول سلمان تولية المدائن، ومشاورة عمر للصحابة خصوصا أمير المؤمنين عليه السلام في الأكثر سيما الحروب (5).
وفي ثبوت جميع ما ذكر ثم ثبوت إذن الإمام في الجميع نظر ظاهر.