الأجرة قبل العمل لا يوجب عدم وجوبه.
قيل: المتصور من نية التقرب من جهة الإجارة إنما هو من جهتها لا من جهة أنه عبادة مخصوصة، ولا ريب أن المعتبر في الصلاة والصوم ونحوهما نية التقرب بها إلى الله من حيث إنها هي.
قلنا: لم يثبت من أدلة وجوب الاخلاص أزيد من وجوب قصد كون الفعل لله سبحانه، ولأجل إطاعته وامتثال أمره، أما وجوب نية الإطاعة - من حيث إن الفعل هذا الفعل، أو لأجل الايجاب من هذه الجهة - فلا، ولو وجب ذلك لم يبرأ من نذر واجبا أصليا أبدا، فاندفع الاشكال.
بل الحق: عدم ورود الاشكال ابتداء أيضا، لأن القدر المسلم وجوب الاخلاص في كل عبادة على من يتعبد بها، وكون ما يلزم بالإجارة مما هو في الأصل عبادة للأجير ممنوع، وكونه عبادة لمن وجب عليه بأصل الشرع لا يقتضي كونه عبادة للأجير أيضا، ووجوبه بالإجارة لا يجعله عبادة كسائر الأفعال الواجبة بالإجارة.
نعم، يشترط فيه قصد ما يميزه عن غيره من الأفعال إن لم يميز بغيره، وقصد كونه أداء لما وجب بالإجارة، كما هو شرط في أداء كل حق لازم، ويجب الخلوص في ذلك بحيث ينصرف إليه، وأما وجوب ما سوى ذلك فلا دليل عليه.
فإن قيل: لا شك أن الصلاة الفائتة التي تتدارك بالاستئجار - مثلا - كان قصد القربة جزءا لها، فتجويز تداركها بالاستئجار أو الأمر به يقتضي تدارك جميع أجزائها.
قلنا: فيه - مع أن هذا مخصوص بما يتدارك به الفائتة لا مطلقا - أن كون قصد الاخلاص جزءا لماهية الصلاة ممنوع، وإنما هو شرط في صحتها