وأما مرسلة الفقيه (1)، فإنما تفيد الحرمة لو كان التفسير من الإمام، وهو غير معلوم، بل خلاف الظاهر، لأن الظاهر أنه من الصدوق، مع أنه لو كان من الإمام أيضا إنما يفيد حرمة المطلق لو كان قوله: (التي ليست بغناء) وصفا احترازيا للقراءة، وهو أيضا غير معلوم.
وأما رواية مسعدة (2)، فمع اختصاصها بغناء الجواري المغنية، مشتملة على ضرب العود أيضا، فلعل المعصية كانت لأجله.
فإن قيل: إن تكذيبه عليه السلام لمن نسب إليه الرخصة في الغناء يدل على انتفاء الرخصة، فيكون حراما.
قلنا: التكذيب في نسبة الرخصة لا يستلزم المنع، لأن عدم ترخيص الإمام أعم من المنع، بل كلامه عليه السلام: ما هكذا قلت، بل قلت كذا، صريح في أن التكذيب ليس للمنع، بل لذكره خلاف الواقع، مع أنه يمكن أن يكون التكذيب لأجل أنه نسب الرخصة في المطلق، وهو كذب صريح.
ولا يتوهم دلالة كونه مع الباطل على الحرمة، إذ لا يفيد ذلك أزيد من الكراهة، لعدم معلومية أن المراد بالباطل ما يختص بالحرام، ولذا يصح أن يقال: التكلم بما لا يعني يكون من الباطل.
مضافا إلى أن [في] (3) تصريح السائل بكونه مع الباطل - بحيث يدل على شدة ظهور كونه معه عنده - إشعارا ظاهرا بأن المراد منه ما كان مع التكلم بالأباطيل.
فإن قيل: هذه الأخبار وإن لم تثبت التحريم، إلا أن الروايتين