يتخذ الرقيق القلب لذكر الجنة، ويهيج الشوق إلى العالم الأعلى، وتأثير القرآن والدعاء في القلوب، بل في قوله: (لهو الحديث) إشعار بذلك أيضا.
مع أن رواية الوشاء محتملة لأن تكون تفسيرا للغناء بلهو الحديث، لا بيانا لحكمه، فلا تكون شاملة لما لا يصدق عليه لهو الحديث لغة وعرفا.
مضافا إلى معارضة هذه الأخبار مع ما روي في مجمع البيان عن الصادق عليه السلام: (أن لهو الحديث في هذه الآية: الطعن في الحق والاستهزاء به) (1).
ورواية أبي بصير: عن كسب المغنيات، فقال: (التي يدخل عليها الرجال حرام، والتي تدعى إلى الأعراس ليس به بأس، وهو قول الله عز وجل: (ومن الناس من يشتري) (2) - الآية -)، فإنها تدل على أن لهو الحديث هو غناء المغنيات التي يدخل عليهن الرجال، لا مطلقا.
وإلى أن الظاهر من رواية الحسن بن هارون (3): أن الغناء - الذي أريد من لهو الحديث - مجلس، وهو ظاهر في محافل المغنيات.
وإلى أن مدلول سائر الأخبار المفسرة أن الغناء فرد من لهو الحديث، وأنه بعض ما قال الله سبحانه، فيشعر بأن المراد من لهو الحديث معناه اللغوي والعرفي الذي فرد منه الغناء، وهو لا يصدق إلا على الأقوال الباطلة الملهية لا مطلقا.