التقصير أو وجوبه في الثمانية، والقسم الأول من أخبار الأربعة الدال على الجواز فيها، على ظواهرها، لعدم المنافاة:
إما حمل ما أمر بالاتمام فيما دون الثمانية، وهي الأخبار الثلاثة المتقدمة أعني موثقة الساباطي، ومرسلة ابن بكير، ورواية البجلي (1)، وما أمر بالتقصير في الأربعة، وهي الخمسة المذكورة، على الجواز جمعا، لصلاحية كل منهما قرينة لذلك الحمل في الآخر.
أو جعل هذين الصنفين متعارضين خاليين عن المرجح، فيجب المصير إلى التخيير، لذلك.
مضافا إلى الرضوي المتقدم في المسألة الرابعة (2).
أقول: يرد على وجه استدلالهم الأول. أن الجمع الذي ذكروه إنما يحسن مع وجود الشاهد عليه، ولا شاهد. وصلاحية كل منهما قرينة لحمل الآخر على الجواز ممنوع. نعم، يصلح تجويز الترك قرينة لحمل الدال على الوجوب على الاستحباب، وتجويز الفعل قرينة لحمل الدال على الحرمة على الكراهة، وأما تحتم الطرفين فليس بينهما إلا التعارض.
وعلى وجه استدلالهم الثاني أولا: أن الرجوع إلى التخيير عند التعارض إنما هو إذا كان بالتباين أو العموم من وجه، وأما إذا كان في بالعموم المطلق، فيجب حمل العام على الخاص قطعا. وما نحن فيه كذلك، لأن موثقة الساباطي من الأخبار الثلاثة عامة بالنسبة إلى قصد المسافة وعدمه، وأكثر الأخبار الخمسة خاصة من هذه الجهة سيما رواية صفوان، ولا جهة خصوصية أخرى للموثقة بالنسبة إليها.
ومرسلة ابن بكير أعم مطلقا من جميع الخمسة من جهة شمولها لما دون الأربعة أيضا. مضافا إلى إمكان الخدش في صراحتها في الوجوب، ورواية البجلي عامة من جهة كون الضيعة وطنا للراوي، وكثير من الأخبار الخمسة خاصة من