مع ما تقدم من أن الأفعال التي لا تنسب إلى المسبب داخلة في محل الكلام إذا تعلق الامر بوجود الطبيعة من دون إضافة إلى المكلف، كما لو قال: (يجب عليك ايجاد الصلاة أو الأكل). فإنه كما يصدق على الايجاد المباشري يصدق على الايجاد التسبيبي.
وبالجملة: الأمثلة المسوقة أمثلة لما هو خارج عن موضوع البحث فلا تصلح شاهدا عليه. فلاحظ.
وتندفع أيضا: بوجود الفرق بين الجمل الخبرية والانشائية الطلبية باشتمال الجملة الخبرية على خصوصية تستدعي الظهور المذكور. وذلك لان هيئة الفعل الماضي أو المضارع تدل على النسبة الصدورية والربط الخاص الصدوري بين الفاعل والفعل، وهذا الربط يلازم صدور الفعل منه نظير هيئة الإضافة مثل: (صوم زيد)، فان الإضافة تدل على ربط خاص ونسبة مخصوصة تلازم صدور الفعل من الفاعل. وليس كذلك الجملة الانشائية الطلبية، إذ غاية ما تدل عليه هي النسبة الطلبية بين الآمر والمأمور الملازمة للبعث نحو الفعل والتحريك نحوه. اما نسبة الفعل إلى المأمور الفاعل فلا تتكفله هيئة الطلب، فلا دلالة لها إلا على توجه الخطاب للمكلف لأنه طرف النسبة، اما كيفية الفعل والاصدار لهو أجنبي عن مفاد الكلام. فالفرق بين الموردين واضح.
وعليه، فالدعوى بظهور خطاب الامر في إرادة الفعل المباشري غير خالية عن الخدشة.
ويقع الكلام بعد ذلك في موضوعه، وهو ان مقتضى الأصل في الواجبات هل يقتضي المباشرة أو انه لا يقتضيها فيسقط بفعل الغير عن تسبيب، أو لا عن تسبيب بل عن تبرع من الغير؟، بلا نظر إلى النيابة، بل الكلام في مسقطية اتيان الغير بنفس الفعل الواجب كأداء الدين وغسل الثوب ونحوه.
والبحث في مقامين: