الذي يكون عن تسبيب المكلف (1).
وتتضح المؤاخذة في هذا التقريب بما عرفت: من المناط في استناد العمل إلى الشخص المسبب ونسبته إليه ليس عدم توسط إرادة مستقلة من المباشر.
إذ هناك من الأفعال ما لا يصح استناده إلى المسبب وإن لم يكن المباشر بذي إرادة أصلا، أو كان ذا إرادة ضعيفة جدا بحيث تلحق بعدم الإرادة، كالأكل والمشي ونحوهما من الأفعال والأسباب، فإنه لو سبب شخص ان يأكل مجنون لا يقال عن المسبب انه أكل كما هو واضح جدا.
كما أن هناك من الأفعال ما تصح نسبتها إلى المسبب كما تنسب إلى المباشر، وان كان المباشر ذا إرادة تامة مستقلة، كالاحراق والقتل ونحوهما من المسببات التوليدية.
فالمناط على الاسناد وعدمه ليس على توسط الإرادة وعدمها كما عرفت.
هذا مضافا إلى أن استناد وجود الفعل إلى تسبيب المسبب بحيث لولا تسبيبه لم يحصل، كاف في تعلق التكليف به وإن لم ينسب الفعل إلى المكلف ولا يعد من أفعاله الاختيارية، فيكلف العبد بايجاد الفعل في الخارج بطريقه سواء كان بنفسه أو باحداث الإرادة في نفس الغير المباشر فيأتي به بحيث لولا تسبيبه لم يتحقق، فان التكليف بمثل ذلك معقول لا محذور فيه وإن لم يكن الفعل من أفعال المكلف.
ويشهد لذلك صحة تعلق النذر بما لا يؤتى به مباشرة عادة، بل بتوسط فعل الغير الإرادي، ووجوب الوفاء به لاستتباعه التكليف، كما لو نذر ان يبني مسجدا، فان البناء لا يباشره المكلف المستنيب مع أنه مكلف به.
.