فدفع الجهة الأولى من الاشكال: بان صفات الباري عز وجل وان كانت متحدة مع ذاته خارجا ووجودا إلا أن المبدأ يغايرها مفهوما، فان مفهوم العلم يغاير مفهوم الذات المقدسة، وهذا التغاير المفهومي يصحح الحمل بلا اشكال ولا ريب، كيف؟ وقد عرفت أن من أقسام الحمل ما كان التغاير فيه بين المفهومين والاتحاد بين الوجودين وهو الحمل الشايع، فلا يعتبر التغاير بين الوجودين في صحة الحمل كما لا يخفى (1).
والانصاف ان الامر كما ذكره، بل لا يحتاج إلى ذلك أصلا، فان حل هذه الجهة أهون من أن يعقد لها تنبيه مستقل وتكون مورد الاهتمام بهذا النحو، ولم تكن كفاية المغايرة المفهومية بين المبدأ والذات محل الاشكال بحسب الظاهر.
وعلى كل فيكفي في صحة الحمل مغايرة نفس المحمول مع الموضوع - كما أشار إلى ذلك المحقق الأصفهاني (2) - ولا يحتاج إلى اثبات مغايرة مبدئه، فان المعتبر هو وجود المغايرة بين المحمول والموضوع لا غير، ومن الواضح ان مفهوم المشتق يختلف عن مفهوم الذات حتى فيما كان مبدؤه متحدا مع الذات مفهوما، نظير: (السواد اسود والوجود موجود).
وعليه، ففي مثل صفات البارئ وان كان المبدأ متحدا مع الذات وجودا إلا أن المحمول هو الصفة لا المبدأ، والصفة مغايرة للذات، ومغايرتها تكفي في صحة الحمل.
وبالجملة: فاندفاع هذه الجهة من الاشكال في غاية الوضوح، فلا تحتاج إلى مزيد بحث وتفصيل كلام.
واما الجهة الثانية: فقد دفعها المحقق صاحب الكفاية - بعد التزامه .