على أن المراد من الصلاة ليس هي الطبيعة السارية إلى كل فرد بل خصوص حصة منها، سواء كانت تلك الحصة موجودة في الخارج أم معدومة، ممكنة كانت أم ممتنعة، ومن هنا يكون استعمال الحروف في الممكن والواجب والممتنع على نسق واحد وبلا عناية في شئ منها. فتقول: (ثبوت القيام لزيد ممكن) و (ثبوت العلم لله تعالى ضروري) و (ثبوت الجهل له تعالى مستحيل) فكلمة (اللام) في جميع ذلك يوجب تخصص مدخوله فيحكم عليه بالامكان مرة وبالضرورة أخرى وبالاستحالة ثالثة.
فما يستعمل في الحرف ليس إلا تضييق المعنى الاسمي من دون لحاظ نسبة خارجية حتى في الموارد الممكنة، فضلا عما يستحيل فيه تحقق نسبته كما في الممتنعات وفي أوصاف الواجب تعالى ونحوهما) (1).
وقد ذكر الفياض في تقريرات بحثه: ان السبب في اختيار هذا القول أمور أربعة:
الأول: بطلان سائر الأقوال.
الثاني: ان المعنى المشار إليه يشترك فيه جميع الموارد لاستعمال الحرف من الواجب والممكن والممتنع. على نسق واحد، وليس في المعاني ما يكون كذلك.
الثالث: انه نتيجة ما سلكناه في حقيقة الوضع من انه التعهد، ضرورة ان المتكلم إذا قصد تفهيم حصة خاصة فتفهيمه منحصر بواسطة الحرف ونحوه.
الرابع: موافقة ذلك للوجدان والارتكاز العرفي، فان الناس يستعملونها لإفادة حصص المعاني وتضييقاتها في عالم المعنى غافلين عن وجود تلك المعاني في الخارج أو عدم وجودها، وعن امكان تحقق النسبة بينها أو عدم امكانها، ودعوى اعمال العناية في جميع ذلك يكذبها صريح الوجدان والبداهة. فهذا يكشف كشفا .