الموضوع له فيها هو الوجود الذهني، والايراد المزبور بدفع بما أشرنا إليه من أن دلالة الحروف وحكايتها تختلف عن دلالة الأسماء، فإنها من قبيل دلالة المماثل على المماثل، فلا يرد فيه المحذور.
واما الثاني: فلانه يبتني على اخذ الموضوع له هو الوجود الخارجي، وقد عرفت خلافه وان الموضوع له هو الربط الذهني فلا يرد عليه الاشكال، لان عروض النسبة بين الذات المقدسة والوجود انما يستحيل في الخارج، وأما في الذهن وعروضها بين المفاهيم المتصورة عنهما، فلا امتناع فيه. والربط الذهني قوامه بالمفاهيم لا بالوجودات الخارجية.
ثم إنه (حفظه الله) استشكل في أصل تحقق قسم رابع في الخارج يعبر عنه بالوجود الرابط وحكم: بان الصحيح عدم وجود للربط والنسبة خارجا قبال وجود الجوهر والعرض - وعليه فينهدم أساس هذا الاختيار، أعني اختيار وضع الحرف للنسبة -، والوجه في ذلك عدم وجود الدليل عليه سوى ما ذكر من البرهان وهو غير تام، وذلك: لان صفتي اليقين والشك وان كانتا متضادتين فلا يكاد يمكن ان تتعلقا بشئ في آن واحد من جهة واحدة. الا ان تحققهما في الذهن لا يكشف عن تعدد متعلقهما في الخارج، فان الطبيعي عين فرده ومتحد معه خارجا، ومع ذلك يمكن أن يكون أحدهما متعلقا لصفة اليقين والاخر متعلقا لصفة الشك، كما إذا علم اجمالا بوجود انسان في الدار ولكن شك في أنه زيد أو عمرو، فلا يكشف تضادهما عن تعدد متعلقيهما بحسب الوجود الخارجي، فإنهما موجودان بوجود واحد حقيقة، وذلك الوجود الواحد من جهة انتسابه إلى الطبيعي متعلق اليقين. ومن جهة انتسابه إلى الفرد متعلق للشك. أو إذا أثبتنا ان للعالم مبدأ ولكن شككنا في أنه واجب أو ممكن، على القول بعدم استحالة التسلسل فرضا. أو أثبتنا انه واجب ولكن شككنا في أنه مريد أولا، إلى غير ذلك. مع أن صفاته تعالى عين ذاته خارجا وعينا كما أن وجوبه كذلك.