والخلاصة أن هناك ثلاثة احتمالات.
الاحتمال الأول: أن هذه العبادات بأصولها الثابتة المقومة موجودة في الشرائع السابقة وليست من مخترعات الشارع ومختصات هذه الشريعة، بل هي عبادات وطقوس دينية قديمة من لدن تلك الشرائع إلى هذه الشريعة، ولم تمر فترة على مجتمع لم يعش حياة دينية ولم يسمع شيئا من العبادات والطقوس الدينية حتى في فترة الجاهلية، فإن جمعا غفيرا من أصحاب الديانتين السابقتين على الاسلام كان يعيش مع مجتمع الجزيرة الذين هم من القبائل العربية الأصيلة وكان جمع غفير من مجتمع الجزيرة اعتنقوا إحدى الديانتين وعملوا بعباداتها والطقوس الدينية لها، ومن المستبعد جدا أنهم كانوا يطلقون على العبادات أسماء غير عربية رغم شيوع تلك العبادات بينهم وابتلائهم بها، إذ لو كان لها أسماء أخرى غير العربية لانعكس في التاريخ مع أنه لا عين لها فيه ولا أثر.
ويؤكد وجود هذه الأسماء قبل الاسلام طرح القرآن الكريم نفس هذه الأسماء منذ بداية الوحي واستعمالها لافادة تلك العبادات، فلو لم تكن تلك الأسماء مأنوسة عندهم ومركوزة في أذهانهم وكانت من مستحدثات هذه الشريعة لكان طرح القرآن الكريم لها منذ البداية صدمة لدعوى النبوة ومن إحدى الموانع، على أساس أن القرآن قد جاء بعرف لغوي جديد وكان عند المجتمع أمرا بدعا وغريبا، وحيث إنهم لم يستغربوا هذا الطرح والاستعمال وكان مأنوسا عندهم، فيكشف ذلك عن قدم هذه الألفاظ واستعمالها فيها قبل الاسلام، وعلى هذا فبإمكاننا إثبات قدم هذه الألفاظ وثبوتها قبل الاسلام بأمور:
الأول: أن العبادات المذكورة عند المجتمع العربي في الجزيرة لو كانت مسماة بأسماء أخرى لأصبحت معروفة بعد الاسلام، على أساس اهتمام المسلمين بتلك