وأن لم يدل على الوضع في نفسه ولكن مركوزية تلك الطريقة في أذهان العقلاء وأعماق نفوسهم توجب ظهور هذا الاستعمال في أن الشارع قصد به وضع هذه الألفاظ بإزاء تلك المعاني الشرعية المستحدثة.
وأما الكلام في الصغرى فلأنه لم يثبت كون الشارع هو المخترع لمعاني أسماء العبادات على حد اختصاص المخترعين بالمخترعات الصناعية وغيرها، إذ الظاهر من مجموعة من الآيات الشريفة أن جملة من تلك المعاني ثابتة في الشرائع السابقة كالصلاة والصيام والحج ونحوها، منها قوله تعالى: (وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا) (1)، ومنها قوله عز من قائل: (وأذن في الناس بالحج) (2)، ومنها قوله سبحانه وتعالى: (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) (3)، حيث إنها تدل على أن إطلاق هذه الأسماء إنما هو على نفس هذه المعاني هناك، فإذن لا تكون تلك المعاني من مخترعات هذه الشريعة خاصة.
ودعوى أن هذه الآيات لا تدل على أن الصلاة والصيام والحج ونحوها كانت موجودة سابقا بنفس المعاني الاسلامية، لوضوح أنها لا تدل على أكثر من أن هذه العبادات كانت موجودة هناك، وأما أن العبادات الاسلامية عين العبادات العيسوية فهي لا تدل عليها.
مدفوعة بأن الظاهر من هذه الآيات هو أنها في مقام الحكاية عن ثبوت هذه المعاني في الشرائع السابقة وعدم اختصاصها بهذه الشريعة، فالاختلاف إنما هو