يمكن أن تكون حقائق لغوية.
فالنتيجة أنه لا ملازمة بين ثبوت المعاني المذكورة قبل الاسلام وثبوتها بنفس هذه الألفاظ الخاصة، إذ كما يمكن ذلك يمكن أن تكون ثابتة بألفاظ أخرى.
وأما على الاحتمال الثالث، فحيث إن الشارع هو المخترع لتلك العبادات بالكمية والكيفية الموجودتين في الشريعة من دون أن يكون لها وجود قبل الاسلام، فلا محالة يكون هو الواضع والمعين للأسماء بإزائها، إذ احتمال أنه اخترع تلك المعاني من دون أن يعين لها أسماء غير محتمل عادة، فإذن بطبيعة الحال يعين لها أسماء خاصة، وحيث إنه لا يحتمل أن يكون هذا التعيين منه بالوضع الصريح، فلا محالة يكون بالاستعمال، وعليه فتكون هذه الألفاظ حقائق شرعية بالوضع التعييني الاستعمالي لا بالصريح.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بالنتائج التالية:
الأولى: الظاهر أن المعاني الشرعية قديمة وثابتة قبل الاسلام بأسمائها العربية في المجتمع العربي الأصيل في الجزيرة، فإنهم بمقتضى عربيتهم كانوا يطلقون عليها أسماء عربية ويستعملونها في مقام إفادة تلك المعاني العبادية كما هو الحال في سائر الألفاظ واللغات المستعملة بينهم للإفادة والاستفادة، واحتمال أنهم يتبعون أهل الديانتين في أسامي تلك العبادات بعيد جدا كما مر، فإذن تكون أسامي العبادات حقائق لغوية لا شرعية.
الثانية: أن هذه المعاني لو كانت مخترعة من قبل الشارع لكانت أسماؤها موضوعة بإزائها من قبل الشارع بالوضع التعييني الاستعمالي، فتكون حقيقة شرعية.