أنها موجودة بنفس هذه الأسماء في الشرايع السابقة، بل هو من أجل اقتضاء مقام الافادة ذلك، كما هو الحال في سائر القصص والحكايات القرآنية التي كانت بالسريانية كما في لغة عيسى عليه السلام، أو العبرانية كما في لغة موسى عليه السلام ونقلت عنها بهذه الألفاظ الخاصة في القرآن الكريم من أجل أن مقام الافادة يقتضي ذلك.
ومن هنا يظهر أن ما أفاده المحقق الخراساني قدس سره من أن هذه المعاني لو كانت قديمة وثابتة قبل الاسلام لكانت ألفاظها حقائق لغوية (1) لا يتم، لما عرفت من عدم الملازمة بين قدم هذه المعاني والتسمية بتلك الألفاظ.
وأما أن هذه المعاني من المعاني المخترعة والمستحدثة في الشريعة الاسلامية فحسب من قبل الشارع، فهو غير محتمل عرفا وبعيد جدا.
ثم إن الأظهر من الاحتمالين السابقين هو الاحتمال الأول، وأن هذه المعاني ثابتة قبل الاسلام بنفس هذه الألفاظ الخاصة في الجزيرة العربية، إذ احتمال أنها موجودة بألفاظ أخرى كالسريانية أو العبرانية في المجتمع العربي بعيد جدا، ويؤكد ذلك أن المسلمين كانوا مأنوسين بهذه الألفاظ الواردة في النصوص القرآنية وغيرها ولم تكن غريبة عندهم.
ونتيجة ما ذكرناه أمران:
الأول: أن الشارع لا يكون مخترعا لماهيات العبادات من الصلاة والصيام والحج وغيرها في هذه الشريعة بحيث لم تكن لها سابقة بهذه الكمية والكيفية في الأديان الماضية وأن الصلاة والصيام والحج في تلك الأديان مباينة لها في الدين الاسلامي ولا تشتركان في جامع واحد كصلاتي المسافر والحاضر، بل إنها