جهة ما ذكرناه من أن النظر إلى اللفظ بالذات في مقام الاستعمال نظر وسيلة وأداة وفي نفس الوقت لا مانع من كونه موردا للتوجه واللحاظ مستقلا، فلا يلزم المحذور المذكور حينئذ من الجمع بين العمليتين.
الرابعة: قد بنى السيد الأستاذ قدس سره على وقوع الوضع التعييني بالاستعمال بين العرف والعقلاء في الأعلام الشخصية والمعاني المستحدثة المخترعة، منها المعاني الشرعية، ولهذا قال فدعوى ثبوت الحقيقة الشرعية بالوضع التعييني بالاستعمال غيرة بعيدة.
ولكن الصحيح عدم ثبوت الحقيقة الشرعية لا بهذا الوضع ولا بالوضع الصريح ولا بالوضع التعيني، لأن الظاهر من جملة من الآيات أن أسامي العبادات حقائق لغوية بمعنى أنها موضوعة بإزاء تلك المعاني قبل الاسلام، ولم يصدر من قبل الشارع بعد الاسلام إلا بعض التفاصيل من الأجزاء والشروط غير المقومة لحقيقة هذه المعاني الجامعة بين ما جاء به الاسلام وما جاءت به الشرائع والأديان السابقة على ما تقدم تفصيله.
الخامسة: أن كثرة استعمال اللفظ في المعنى المجازي التي تؤدي إلى الوضع التعيني لا تتوقف على كثرة استعمال اللفظ مجردا عن القرينة فيه، بل من جهة أن اللفظ عنصر ثابت ومحفوظ في جميع موارد الاستعمال دون القرينة، فإنها تختلف باختلاف الموارد، فلذلك يحصل منها الأنس الذهني بين ذات اللفظ والمعنى بقطع النظر عن اقترانه بالقرينة، وهذا هو الوضع التعيني.
السادسة: الظاهر أن الثمرة لا تظهر بين القولين في المسألة، على أساس أن المراد من النصوص التشريعية في الكتاب والسنة معلوم، وهو المعاني الشرعية، سواء أكان الاستعمال فيها حقيقيا أم مجازيا على تفصيل تقدم.