ويمكن نقد هذا الوجه من عدة جهات:
الأولى: ما تقدم موسعا في باب الوضع من أن الألفاظ لم توضع بإزاء الموجودات الخارجية ولا الموجودات الذهنية، وإنما هي موضوعة بإزاء طبيعي المعنى الذي قد يوجد في الذهن وقد يوجد في الخارج، بدون أن يكون الوجود الذهني أو الخارجي قيدا له.
هذا إضافة إلى أن لازم الوضع بإزاء الموجود الخارجي كون المدلول الوضعي مدلولا تصديقيا، وهو لا يمكن إلا على القول بالتعهد.
وعلى هذا فالمصدر لم يوضع للوجود النعتي واسم المصدر للوجود المحمولي، إلا أن يكون مراده قدس سره من ذلك وضع المصدر بإزاء معنى فان في الوجود النعتي في الخارج، واسم المصدر بإزاء معنى فان في الوجود المحمولي فيه، ولكن إرادة ذلك من كلامه قدس سره بحاجة إلى قرينة.
الثانية: ما تقدم آنفا من أن المصدر لم يوضع لنسبة المادة إلى الذات، وإنما وضع بإزاء خصوصية قائمة بالمادة كالصدورية أو الحلولية ونحوهما، وتلك الخصوصية غير النسبة، لأنها متقومة بالطرفين، فلا يمكن قيامها بطرف واحد، بينما هي قائمة بطرف واحد، واسم المصدر وضع بإزاء الحدث بما هو بدون لحاظ أي خصوصية معه، وهذا الفرق بينهما إنما هو بحسب المفهوم، وذلك لا يمنع عن وحدتهما في الوجود الخارجي.
الثالثة: الظاهر أن المحقق النائيني قدس سره أراد بذلك الفرق بين المشتق والمصدر، لا بينه وبين مبدئه، ولا بين المصدر واسم المصدر، بقرينة أنه قدس سره ذكر أن للعرض في مقابل الجوهر حيثيتين واقعيتين، وهما حيثية وجوده في نفسه، وحيثية وجوده لموضوعه، فإن لوحظ من الحيثية الأولى فهو عرض ومصدر ومباين للذات