مغايرتهما في عالم المفهوم، وبانتفاء أية من الركيزتين فلا موضوع للحمل، وفي المقام حيث إن المبدأ مغاير للذات في الوجود الخارجي والمفهوم الذهني معا فلا يمكن حمله عليها، ومجرد اعتباره لا بشرط ومتحدا مع الذات لا يوجب اتحاده معها خارجا وقلبه عما كان عليه في الواقع من المغايرة والمباينة، بداهة أن المغايرة بينهما واقعية لا اعتبارية لكي تنتفي باعتبار آخر، فإذن لا قيمة لاعتبار المبدأ لا بشرط، ولا يوجب صحة حمله على الذات التي هي منوطة بأن يكون متحدا معها في الخارج حقيقة. هذا، ولكن المحقق النائيني قدس سره قد أصر في المقام على أن اعتبار المبدأ لا بشرط ولحاظه متحدا مع الذات يكفي في صحة حمله عليها، ولذلك بنى على أن الذات غير مأخوذة في مفهوم المشتق، وقد أفاد في وجه ذلك أن وجود العرض في نفسه عين وجوده لموضوعه، وهذا لا بمعنى أن له وجودين: أحدهما لنفسه والآخر لموضوعه، لاستحالة أن يكون لماهية واحدة وجودان، بل بمعنى أن وجوده النفسي عين وجوده الرابطي لموضوعاته.
وإن شئت قلت: إن للعرض وجودا واحدا في الخارج، ولكن له حيثيتان:
الأولى حيثية أنه لنفسه، والثانية حيثية أنه لموضوعه، وعلى هذا فإن لوحظ العرض من الحيثية الأولى أي بما أنه شئ من الأشياء وموجود من الموجودات في الخارج بحياله واستقلاله في مقابل وجود الجوهر كذلك، فهو بهذا الاعتبار واللحاظ عرض مباين لموضوعه وجودا وغير محمول عليه، وإن لوحظ من الحيثية الثانية أي بما هو واقعه في الخارج بلا أي مؤنه أخرى وأن وجوده في نفسه عين وجوده لموضوعه فيه، فهو بهذا اللحاظ والاعتبار عرضي ومشتق وقابل للحمل على موضوعه ومتحد معه، حيث إنه من شؤونه وأطواره،