وحيث إن الآيتين الشريفتين من القضايا الحقيقية فالموضوع فيهما إنسان فرض تلبسه بالسرقة أو الزنا في الخارج، ولا يعقل الانقضاء في هذه المرحلة، فإنه إنما يتصور في مرحلة التطبيق والقضايا الخارجية لا في مرحلة الجعل والتقدير بنحو القضية الحقيقية، وعليه فعنوان الزاني والسارق في الآيتين مستعمل فيمن فرض تلبسه بالمبدأ، غاية الأمر أن زمان القطع والجلد متأخر في الخارج عن زمان التلبس، فقد تحصل أن الاستعمال في المنقضي في القضايا الحقيقية غير معقول، وإلا لزم الخلف، أي ما فرض موضوعا في لسان الدليل ليس بموضوع.
ومن هنا يظهر أن ما ذكره بعضهم من أن المشتق في الآيتين أو ما شاكلهما استعمل فيمن انقضى عنه المبدأ، وهذا دليل على أنه موضوع للأعم وإلا لم يصح استعماله فيه إلا بالعناية والمجاز، مبني على الخلط بين القضايا الحقيقية والقضايا الخارجية، وتخيل أن إطلاق السارق والزاني في الآيتين إنما هو بلحاظ ظرف تطبيق الحكم وإجرائه لا بلحاظ ظرف الجعل، مع أن الأمر ليس كذلك، لوضوح أن الاطلاق فيهما إنما هو بلحاظ ظرف الجعل، لما عرفت من أن الآيتين الشريفتين من قبيل القضايا الحقيقية، فتكونان بصدد جعل الحكم على المتلبس بالسرقة والزنا، لا في مقام تطبيقه عليه في الخارج، كما أنه لا وجه لما أفاده المحقق الخراساني قدس سره في مقام الجواب عن هذا الاستدلال من أن الاستعمال فيهما إنما يكون بلحاظ حال التلبس دون الانقضاء (1)، وذلك لأن حالة الانقضاء لا تتصور في القضايا الحقيقية لكي يكون الاستعمال فيها بلحاظ حال التلبس دونها.
والخلاصة أن العناوين الاشتقاقية الواردة في لسان الأدلة التي أخذ تلبس الذات بالمبدأ فيها مفروض الوجود في الخارج مستعملة في المتلبس خاصة،